إلــــــغـــــاء الإضــــــراب العــــام المُقـــرر يـــوم غـــد


شخصيا، رغم أني كنت أساند الإضراب العام، لكني أحترم قرار الهيئة الإدارية للاتحاد العام التونسي للشغل، وأعتقد أن الإضراب قد نجح قبل حدوثه لعدة أسباب أنقلها عن محسن مرزوق :
بشكل سريع يمكن تعديد ما كسبه الاتحاد العام التونسي للشغل من مجرد إعلانه وقيامه بالتعبئة اللازمة للإضراب العام قبل وقوعه وما خسره غرماؤه كما يلي:
- نجح الإضراب العام في وضع صعوبات مسار الانتقال الديمقراطي التونسي تحت الضوء محليا ودوليا. لقد صار بائنا بالكاشف الآن وللجميع أن تصحيح المسار صار ضروريا
- كما نجح في كشف معادلة العنف التي تعتمدها النهضة في إفساد الانتقال الديمقراطي والاستحواذ على الحكم
- استطاع الاتحاد أن يجمع حوله كل القوى الحية في البلاد وأن يؤكد قوته التعبوية الخارقة
- نجح الإضراب قبل وقوعه في الربط بين القضية السياسية والقضية الاجتماعية
- نجح الاتحاد في تعبئة قوى دولية هامة حوله سيكون دعمها له وللحركة الديمقراطية التونسية هامة في المرحلة المقبلة

أما خسائر النهضة التي تتحول منطقيا إلى مكاسب لللاتحاد والقوى الديمقراطية فهي كما يلي:
- ظهور النهضة بوضوح بمثابة الراعي الرسمي للعنف وجماعات العنف في البلاد
- ظهور النهضة بوصفها جماعة إخوانية دينية متشددة تستعمل المساجد لأغراض حزبية واضطرارها لكشف مخزون نشاطها الحقيقي من أئمة دعاة للعنف (مظاهرة صفاقس) وهو ما أفرغ خطابها العلني عن تحولها إلى حزب مدني سياسي من كل مصداقية

- تآكل حلف الترويكا من داخله بشكل غير مسبوق بعد أن انحاز التكتل للاتحاد العام التونسي للشغل ضد النهضة. وكان الرئيس المؤقت المرزوقي دعا في وقت لحكومة كفاءات مضيقة واعتبر أن الحكومة فاشلة.
- أدت المواجهة مع الاتحاد العام التونسي للشغل إلى تشليك موقف النهضة دوليا بحيث تعرت مواقفها دفعة واحدة أمام قوى دولية فاعلة (منتدى المستقبل وهو يضم وزراء خارجية مجموعة الدول الثماني الأكثر غنى والدول العربية سيبدأ في تونس يوم 13 ديسمبر) اضطرت لمتبعة الوضع التونسي بدقة هذه الأيام
- لا يمكن تفسير تردد وزيرة الخارجية الأمريكية في الحضور لتونس دون مسالة الإضراب العام وهو ما يضع النهضة في موقع من لا يقدر على الحكم وإدارة الدولة دوليا
- ازدياد عزلة النهضة محليا حيث اصطفت الأغلبية الساحقة من القوى الوطنية السياسية والمدنية مع الاتحاد
وضدها
كل هذا يجعل الإضراب ناجحا حتى وإن لن يتم. وفي الأثناء تتواصل خسائر تونس وخسائر الثورة ومعاناة التونسيين. وهذه أيضا صار واضحا أن مسؤوليتها تقع على عاتق حركة النهضة وحكومتها. فكان عليها منذ البداية عدم تشكيل جماعات عنف واحترام المسار الانتقالي في البلاد والتخلي عن فكرة الاستحواذ اللا شرعي على الحكم وإعادة إنتاج منظومتي الاستبداد والفساد.
ما رأيكم ؟